La Nuit des Chefs.. قادة الأوركستر يعزفون بتناغم سهرة متوسطية النكهة
احتضن ركح مهرجان الحمامات الدولي، مساء السبت 12 جويلية 2025، عرضا موسيقيا بعنوان "سهرة قائدي الأوركسترا – La Nuit des Chefs"، من إنتاج مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، بمشاركة الأوركستر السمفوني التونسي.
ويُعد هذا العرض الثاني ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين للمهرجان.
تنوع موسيقي في تركيبة واحدة
جمع عرض "La Nuit des Chefs" على ركح واحد خمسة من أبرز قادة الأوركسترا في الساحة الفنية: شادي القرفي، محمد مقني، محمد الرواتبي من تونس، لطفي السعيدي من الجزائر، وأندريا تارنتينو من إيطاليا.
ورافقهُما في هذه السهرة الفنانان محمد علي شبيل ومنجية الصفاقسي، ضمن تركيبة موسيقية حملت تحية فنية لفنّ الأوركستر بوصفه مساحة للتعدّد، حيث تتقاطع الرؤى وتتنوّع التوزيعات والأساليب.
فسيفساء متوسطية
رسمت السهرة لوحة صوتية واسعة، امتدت على ضفاف المتوسّط، حيث امتزجت الأنغام التونسية والجزائرية والإيطالية، مرورًا بنفحات موسيقية خليجية، ضمن حوار أوركسترالي عبّر عن رؤية فنية منفتحة.
وشمل البرنامج تقديم مجموعة من الأغاني والمقطوعات، من بينها "أنا نموت عليك" لمحمد علي شبيل ومقتطفات من الأوبرا الإيطالية وأغانٍ تونسية أصيلة، قُدّمت جميعها بتوزيع أوركسترالي دقيق.
ولم يتأخر جمهور الحمامات في التعبير عن تفاعله الكبير مع هذه اللوحات الموسيقية، وهو ما عكس بوضوح انفتاح الذائقة التونسية على تنوّع الألوان الموسيقية واختلاف الثقافات، تأكيدًا على أن الموسيقى تظل جسرًا إنسانيًا قادرًا على تجاوز الحدود وصنع التفاهم.
مقاربة جديدة في التوزيع الأوركسترالي
في تصريح لموزاييك، أكّد المايسترو شادي القرفي على أنّ العرض حمل توجهًا مغاربيًا ومتوسطيًا في جوهره، مشيرًا إلى أن الفرقة تعمل اليوم على تحديد توجهات واستراتيجيات في التوزيع الأوركسترالي، تُراعي خصوصية كل مهرجان وجمهوره.
وأوضح أنّ عرض الحمامات يختلف كليًا عن عرض قرطاج المقرّر يوم 1 أوت، والذي ستشارك فيه المغنية الجزائرية رشا رزق، إلى جانب فنانين من تركيا وفلسطين، في تجربة تهدف إلى تعميق الحوار الموسيقي العابر للثقافات.
وفي الندوة صحفية الخاصة بالعرض، أوضح شادي القرفي أنّ عرض اختتام مهرجان الجم الدولي سيكون مخصّصًا للموسيقى الكلاسيكية، وليس نسخة أخرى من La Nuit des Chefs.
وشدّد على أنّ السعي نحو العالمية يتطلب مجهودًا مضاعفًا واستنادًا إعلاميًا متينًا، قائلاً: "المجهود موجود، أما الإعلام هو القاطرة اللي تهزّ الفنون الكل".
تجارب فردية بروح جماعية
من ناحيته، عبّر المايسترو لطفي السعيدي عن امتنانه للمشاركة في هذا العرض الذي اعتبره "محطة مهمّة في مسيرته المهنية".
أمّا الفنان محمد علي شبيل، فقد شدّد على ضرورة تكثيف هذا النوع من التظاهرات، معتبرًا إياها فرصة لتعزيز المشهد الثقافي التونسي، داعيًا إلى التوازن بين المهرجانات الكبرى وتلك الجهوية والصغرى، لما لها من دور حيوي في الوصول إلى جمهور أكثر تنوّعًا. وأعلن عن مشاركته المرتقبة في عرض "تخيّل" مع الفنان كريم الثليبي، يوم 8 أوت بالمسرح الأثري بقرطاج.
احتفال بالاختلاف والتنوّع
"سهرة قائدي الأوركسترا" لم تكن مجرّد عرض موسيقي، بل شكّلت تجربة ثقافية متكاملة، احتفت بالتنوّع، وكرّست الإبداع، وأثبتت قدرة الأوركستر السمفوني التونسي على التجدد والانفتاح.
خمسة قادة، ثلاثة بلدان، لغات موسيقية متعددة، وجمهور واحد، اجتمعوا في ليلة أكّدت على أنّ الموسيقى حين تُتقن وتُوجّه بإحساس، تستطيع أن تُصغي للحضارات وهي تتحاور.. وتحتفل… وتغنّي.
ليندا بلحاج